انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تعاطي مادة "الشبو" المخدرة، التي غزت عدد من المحافظات اليمنية، وتم الترويج لها بصورة مخفية (سرية)، ولكنها مخيفة، في نية تبدو واضحة من قبل تجار المخدرات في إيجاد سوق جديدة لهم في المنطقة، بعد أن اجتاحت معظم الدول العربية تقريبا..!!
هذه الظاهرة، التي توصف من قبل مختصين أمنيين بأنها "طارئة" على المجتمع اليمني، لم تكن منتشرة من قبل، لكنها انتشرت فجأة.. ثم وفي ظرف مدة زمنية قصيرة برزت واتسعت بشكل مخيف جدا، ليعزوها البعض إلى زيادة التدهور الحاصل مؤخرا في الأوضاع المعيشية والأمنية، على حد سواء، في البلاد التي دمرتها الحرب.
ومن المؤكد أن هذه الحرب، التي اشعلتها ميليشيات الحوثي منذ انقلابها على مؤسسات الدولة في سبتمبر/ أيلول 2014، قد لعبت دورا رئيسيا في تسهيل دخول المخدرات والترويج لها، لأسباب عديدة، كما سنعرف ذلك في هذا الملف الموسع الذي يتناول تفاصيل الظاهرة من جوانب مختلفة، لم يتم التطرق لمعظمها في تقارير سابقة، رغم ما حظيت به الظاهرة من تركيز إعلامي واسع، خلال الأيام القليلة الماضية..
ويستند "يمن شباب نت" في معلوماته هذه، إلى مصادر رئيسية مباشرة، بينهم مسئول أمني متخصص في إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، وأكاديمي متخصص يعمل في الهيئة العليا للأدوية بتعز، إلى جانب تقارير رسمية متخصصة وأرقام واحصائيات لمسئولين حكوميين أمنيين..
بداية الظهور
وتأكيدا لما ذهبنا إليه آنفا، يقول نائب مدير عام إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية اليمنية العقيد عبد الله أحمد لحمدي، إن "اليمن، وإلى ما قبل ثلاث سنوات، لم يكن يعرف أي وجود لمادة الشبو المخدر.. ليبدأ ظهور هذا النوع من المخدرات مع مطلع العام 2019".
ويوضح العقيد لحمدي، ضمن حديثه لـ "يمن شباب نت"، أن أول كمية، من هذا النوع من المخدرات، تم ضبطها في اليمن "كانت عام 2019، في مطار سيئون بحضرموت.. وكانت قادمة من دولة مصر العربية". ويضيف: "ثم تلتها ثلاث ضبطيات أخرى في نفس العام، وكانت الكمية ما بين 7 إلى 8 كيلو من مادة الشبو".
وإلى جانب عمله نائبا لهذه الدائرة المهمة في وزارة الداخلية، يشغل العقيد لحمدي أيضا منصب مدير إدارة مكافحة المخدرات بساحل حضرموت. ما يجعله، بحكم هذين الموقعين الهامين، يمتلك رصيدا كبيرا من المعلومات الرسمية الدقيقة، ليس فقط حول بدايات انتشار هذا المخدر في اليمن، بل وحجم وأسباب انتشاره المتسارع في أرجاء البلاد. كما سنعرف في التفاصيل التالية..
أسباب الانتشار
قبل ظهور مادة الشبو في البلاد، يشير العقيد لحمدي إلى أن اليمن، ظل خلال العقود الثلاثة الأخيرة عبارة عن "منطقة ترانزيت لتهريب أنواع مختلفة من المخدرات، بما فيها مادتي الحشيش والكبتاجون*، إلى دول الجوار، قبل أن تتحول مؤخرا إلى أحد الأسواق الرائجة للمخدرات". (*الكبتاجون، هو مادة مخدرة أشد من الحشيش والشبو المخدرين، وتشتهر بصناعته وتصديره إيران وميليشياتها في لبنان، حزب الله، كما كشف تحقيق استقصائي مطول لمجلة دير شبيغل الألمانية، نشر قبل أيام، أن النظام السوري أصبح مؤخرا يدير مصانع خاصة لصناعة وتصدير هذه المادة، التي أضحت حاليا أهم ما يتم تصديره من سوريا..).
ووفقا للعقيد لحمدي، تعتبر المخدرات، ومن بينها الشبو، تجارة تخضع لقانون العرض والطلب، مضيفا: "لذلك؛ عندما كان هذا النوع ما يزال غير معروفا في اليمن، وليس له طلب، لم يكن متواجدا في البلاد".
وتابع: "لكن ما حدث مؤخرا، وتحديدا خلال السنتين الماضيتين، هو أن الحال بدأ يتغيّر في اليمن، لتستهدف البلاد كسوق رائج للتعاطي والترويج والإدمان على المخدرات، وخصوصا مادة الشبو".
أما السبب الرئيسي لبداية انتشار هذه المادة المخدرة في اليمن، فيرجع- كما يقول لحمدي- إلى "المغتربين، الذين يتم ترحيلهم من دول الجوار، بما فيها المملكة العربية السعودية، وذلك بسبب قضايا المخدرات".
وعلى هذا النحو، تحول اليمن تدريجيا من مجرد منطقة "ترانزيت"، إلى أحد الأسواق البديلة لمافيا المخدرات، بعد أن وُجد فيه من يتعاطى المخدرات.
ولمزيد من التوضيح حول هذه النقطة، يقول العقيد لحمدي إن "مافيا، وعصابات المخدرات، تسعى دائما إلى إيجاد أسواق جديدة لها لإغراقها بأنواع المخدرات، وهو ما حصل بالفعل عندما صار لهذه الآفة طلب داخل اليمن". وكانت البداية بالطبع عن طريق بعض المغتربين الذين تم ترحيلهم وإعادتهم إلى البلاد، ليقموا لاحقا بإيجاد سوقهم الخاصة عن طريق خلق طلب لمادة الشبو المخدر..!!
وهو ما كشفته التحقيقات مع عدد ممن تم ضبطهم بتهمة البيع والترويج، أو التعاطي، للمخدرات، وبينها مادة الشبو، طبقا لما أكده العقيد لحمدي لـ "يمن شباب نت"، الذي أفاد أن التحقيقات كشفت أن عدد منهم كانوا من المغتربين المُرحّلين، حيث "تبين تعاطيهم أنواع مختلفة من المخدرات، بخلاف ما هو في اليمن"، مضيفا: "فبعد ترحيلهم قاموا بإيجاد طلب لمادة الشبو المخدرة في اليمن، ثم توسعت دائرة انتشاره بحكم وجود أقارب وأصدقاء لهؤلاء المغتربين، استطاعوا إقناعهم بتجريبه".
وحول هذه النقطة الأخيرة بالذات، يذكر العقيد لحمدي سببا نفسيا، أعتبره أحد الأسباب الرئيسية لانتشار مادة الشبو المخدر. وهو- كما يقول- إن ثمة "اعتقاد خاطئ بين المتعاطين بأنها تزيد من القدرة الجنسية"، مضيفا: "والواقع؛ أنه قد يكون لها تأثيرا في تنشيط الدورة الدموية فعلا، إلا أنه ومع مرور الأيام يصبح لها تأثير عكسي تماما، وتصيب الجهاز التناسلي بالبرود".
مبالغة في التهويل
ومع ذلك، إلا أن المسئول الأول في إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية وساحل حضرموت، يرى أن هناك تهويلا و"مبالغة كبيرة" في تسليط الضوء على مخاطر مادة الشبو دون غيره من أنواع المخدرات، بما في ذلك القول بإن متعاطيي الشبو "يدمنون عليه من أول مرة، ولا يمكن الشفاء منه".
ومع أن هذه المبالغة- كما يقول- قد تخدمهم في جعل المواطنين يتجنبون تعاطي هذه المادة، إلا أنه "ومن باب الحقيقة العلمية، فإن مادة الشبو لها آثار سلبيه تشبه غيرها من أنواع المخدرات الأخرى"، مشيرا- بهذا الصدد- إلى أنه قام بزيارات إلى مركز النهى للعلاج من الإدمان في محافظة حضرموت، واطلع بنفسه على عدد من الحالات، وأسباب ادمانها، وعلاجها.
وأضاف: "كما أن لدينا حوالي 93 سجينا في سجن مكافحة المخدرات بساحل حضرموت، أغلبهم ممن تعاطوا مادة الشبو المخدرة، لكن لم نشاهد أي اثار لحالات هستيرية، بشكل كبير، جراء انقطاعهم عن تعاطي هذا المخدر، عدا أعداد بسيطة جدا، ولا نجد معاناة كبيرة في التعامل معهم".
لكن ذلك، كما ينوه لحمدي "لا يعني أن مادة الشبو ليست لها طبيعة تدميرية على الانسان"، بقدر ما يرى أن "الأمر بحاجة إلى دراسة علمية وبحوث متخصصة في هذا الجانب".
الأقل انتشارا بين المخدرات
ورغم انتشاره السريع، كما تفيد المعلومات المتداولة في الإعلام، لا سيما منصات التواصل الاجتماعي، إلا أن "الشبو" ما يزال- حتى الآن- يحتل المرتبة الثالثة من حيث ترتيب أنواع المخدرات الأوسع انتشارا في اليمن. ويأتي بعد "الكبتاجون" الذي يحتل المرتبة الثانية، فيما تتربع مادة الحشيش المخدر المرتبة الأولى، من حيث ترتيب الانتشار والتعاطي، بين المواد المخدرة الأكثر انتشارا في اليمن.
وهذا التوزيع، ذكره العقيد لحمدي ضمن حديثه لـ "يمن شباب نت"، والذي أشار أيضا إلى وجود حالات نادرة لمادة الكوكايين، مستشهدا بآخر شحنة تم ضبطها مؤخرا في مدينة عدن، كانت متجه إلى دول الجوار.
وإلى جانب ذلك أيضا، يذكر العقيد عبد الله لحمدي حالات إدمان أخرى غريبة، لمواد طبية غير مصنفة ضمن المخدرات، مشيرا إلى أنه تم "ضبط حالات مدمنة على تعاطي الأقراص المهدئة التي تحتوي على مادة الفاليوم والبروزلام، ومهدئات أخرى تباع في الصيدليات بشكل مباشر، دون وصفة من الطبيب، غالبا". وهي مواد "مع أنها غير مصنفه ضمن المخدرات؛ إلا أنها قد تصل إلى مرحلة إدمان مخدر الشبو" حسب قوله.
وتأكيدا لما ذهب إليه، من تأثير بعض تلك المواد على مدمنيها، لفت إلى أن عدد من الجرائم التي ارتكبت في فترات سابقة "كان السبب الرئيس فيها؛ إدمان هذه الأقراص المهدئة مع القات، أو مع الحشيش".. ومن ضمنها "تلك الجرائم التي وصلت إلى قتل الأقارب، أو التحرش بهم، في عدد من المحافظات اليمنية".
يذكر أن جرائم من هذا النوع، المشار إليه، تفشت على نطاق واسع في البلاد، لا سيما في الآونة الأخيرة، مع انتشار مادة الشبو المخدر، التي يعزى إليها إفقاد متعاطيها السيطرة على تصرفاته الطبيعية بعد فترة بسيطة من الإدمان.
"إيران" المصدر الأول
عندما تذكر المخدرات، في الشرق الأوسط، تبرز جمهورية إيران الإسلامية في مقدمة الدول التي تعمل على تصنيع وتصدير المخدرات بأنواعها المختلفة، على رأسها الثلاثة الأنواع الأوسع انتشارا في اليمن: الحشيش والكبتاجون، والشبو، إلى جانب مخدرات أكثر شهرة عالمية مثل الهيروين والكوكايين، والتي تستورد معظمها من أفغانستان ودول شرق أسيا.
كما يبرز "حزب الله"، ذراع طهران في لبنان، الأكثر شهرة في المنطقة في زراعة وتصدير الحشيش المخدر. ومؤخرا تحولت سوريا، التي أصبحت جزء من إيران، كواحدة من أكبر الدول صناعة وتصديرا لمادة الكبتاجون المخدر.
وفي تقرير، سابق، صدر عام 2020 عن موقع "أودياتور أونلاين" الألماني، حذر من أن "أمن واستقرار المنطقة في خطر بسبب استمرار إيران وأذرعها في تطوير تجارة وتهريب المخدرات"
وتأكيدا لذلك، يقول نائب مدير دائرة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية اليمنية، العقيد عبد الله لحمدي: "بحسب المواد التي تم ضبطها، إلى حد الآن، من مادة الشبو في البحر العربي- وخاصة من اتجاه محافظة المهرة- اكتشفنا أنها تأتي من دولة إيران، ودول شرق أسيا".
ومنتصف شهر مايو/ أيار الفائت، أعلنت البحرية الأمريكية أنها صادرت 640 كيلوغراما من مادة الميثامفيتامين (الأسم العلمي لمادة الشبو المخدرة)، بقيمة 39 مليون دولار من سفينة صيد في خليج عمان، في الفترة من 15 إلى 16 مايو. وأشارت ضمن البيان أن أفراد طاقم السفينة التسعة عرفوا أنفسهم بأنهم مواطنون إيرانيون
وذكر البيان، أن القوات البحرية المشتركة (المتواجدة على امتداد بحر العرب وخليج عمان) نفذت تسع عمليات ضبط ناجحة خلال الفترة الماضية من عام 2022، لمخدرات شملت الهيروين والميثامفيتامين (الشبو)، وحبوب الأمفيتامين (الكبتاجون) والحشيش، بقيمة إجمالية قدرها 130 مليون دولار.
وأوضح العقيد لحمدي أن "هناك عصابات مافيا عالمية ومحلية ضالعة في ترويج وبيع المخدرات في اليمن، بما فيها مادة الشبو، سواء في مناطق الحكومة الشرعية أم في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي، التي تشير المعلومات إلى أنها ضالعة في الترويج وبيع المخدرات في اليمن عن طريق مهربين وتجار يتبعونها، إلى جانب قيامها بتهريب شحنات من هذه المخدرات إلى المملكة العربية السعودية". وهو الأمر الذي تفعله أذرع أيران الأخرى في المنطقة، حيث أثبتت أكثر من عملية ضبط معلنة رسميا مصادرة مخدرات قادمة من سوريا ولبنان إلى السعودية والإمارات أيضا.
والسبت الماضي أعتبر وزير الداخلية اليمني اللواء الركن إبراهيم حيدان، في تصريحات بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات (يصادف 26 يونيو)، أن "ميليشيات الحوثي الانقلابية الإيرانية هي الوجه الآخر لآفة المخدرات، الأمر الذي يمثل خطرا محدقا على اليمن واليمنيين والأمن والاستقرار في المنطقة والإقليم".
وأتهم حيدان "الميليشيات الحوثية، ومن ورائها إيران" باستخدام المخدرات والمتاجرة بها "من أجل تمويل حربها العبثية على اليمن واليمنيين، حيث عملت المليشيا الحوثية وبدعم مباشر من طهران على إغراق وطننا ودول الجوار بالمخدرات".
[لمزيد من التفاصيل..أقرأ: ضبط وإتلاف 5 طن خلال العام الماضي.. وزير الداخلية: مليشيا الحوثي تعمل على إغراق اليمن بـ "المخدرات" بدعم إيراني]
وعدى ذلك، يرى العقيد عبد الله لحمدي، ضمن حديثه لـ "يمن شباب نت"، أن "هناك مؤشرات لوجود مصانع محلية داخل اليمن لصناعة مادة الشبو"، موضحا أنه "من خلال البحث أثناء التحقيق مع مضبوطين، تبين لهم أن المصانع قد تكون موجود في محافظتي حضرموت والحديدة"، لكنه قال إنها مجرد اشتباهات ولم يتم ضبط أي مصنع للشبو حتى الآن.
وبهذا الصدد يشير إلى أنهم اقتحموا بعض الأوكار لبيع وترويج الشبو في ساحل حضرموت "وضبطنا مواد ومركبات كيمائية معينة، ولم نتمكن من اثبات ما إذا كان هناك مصانع أم لا؟ وذلك بسبب عدم توفر الإمكانيات لفحص مثل هذا المواد والمركبات".
لكنه أشار أيضا إلى وجود دليل آخر يوحي بوجود مصانع بالفعل، وهو "انخفاض سعر مادة الشبو" تدريجيا، لافتا إلى أنه "في بداية ظهور مادة الشبو، كان يباع الجرام الواحد منه بـ 30 ألف ريال يمني، ثم انخفض سعره إلى 25 ألف، ليواصل انخفاضه تدريجيا حتى وصل سعر الجرام إلى 6 آلاف ريال يمني". وهو ما يعتقد أنه أحد الأسباب المؤدية إلى الانتشار السريع لهذه المادة.
أرقام وإحصائيات وتحليل
لا توجد احصائيات رسمية معلنة، حيث لا تقوم وزارة الداخلية بنشر أي إحصائيات بشكل دوري حول المخدرات. والأرقام الوحيدة التي حصلنا عليها هنا، خاصة بالعام الفائت (2021) فقط، واستقيناها من تصريحات وزير الداخلية اللواء إبراهيم حيدان في 26 يونيو/ حزيران الجاري، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، ونشرتها وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ).. وقمنا بتفريغها وجمعها في إطار المخطط البياني (أنفوجرافك)، المرفق أدناه، والذي يقدم إحصائية بما تم ضبطه من كل أنواع من المخدرات، وعدد جرائم المخدرات المضبوطة خلال العام الفائت.. (أنظر المخطط المرفق أدناه)
ومن الإحصائيات والأرقام السابقة، نجد أن كمية مخدر "الشبو" المضبوطة، هي الأقل من بين أنواع المخدرات الأخرى، بينما لم ترد أي أرقام، ضمن تصريحات الوزير، بخصوص أي كميات تم اتلافها من هذا المخدر بأوامر قضائية..
ومما سبق، يمكننا أن نستنتج، أن مادة الشبو المخدرة، ربما ما زال من الصعب اكتشافها بسهولة حتى الآن، ما يجعلها أكثر قدرة على الانتشار بين المدمنيين، والعامة، دون اكتشافها لفترات طويلة. وربما يعود ذلك لعدة أسباب، أهمها: أنها بدون رائحة مميزة. وبحسب إفادة بعض المختصين الأمنيين في مكافحة المخدرات، يتم التعرف عليه مبدئيا من خلال شكل المادة، ليتم بعد ذلك إحالتها إلى الفحص للتأكد منها..
ولكن.. ما هو الشبو؟!
بعد أن استغرقنا في تفاصيل انتشار مادة الشبو، والأسباب التي أدت إلى انتشارها، بقيَ أن نوضح أصل المادة وخطرها على جسم الانسان، وحياته، والمجتمع عموما..
ولمعرفة ذلك، حصل "يمن شباب نت" على تقرير حديث، صادر في شهر مايو/ آذار الماضي عن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالعاصمة المؤقتة بعنوان "الشبو الدخيل الجديد".
ويفيد التقرير، الذي أعده الخبير الكيميائي الجنائي أنيس علي عبد الخالق، بأن "الشبو أحد أسماء مادة الميثامفيتامين، ويعتبر من مجموعة المنشطات، والتي تقع من ضمنها مادة الكوكايين، وتهدف إلى زيادة نشاط الجهاز العصبي المركزي وتغيير طريقة عمل العقل بشكل أساسي".
وعن مخاطره يشرح التقرير أن "استخدام مادة الميثامفيتامين، المكونة للشبو يتم عن طريق البلع، أو الاستنشاق، أو التدخين، أو الحقن. وفصل التقرير تأثر كل طريقة من هذه الطرق على صحة وجسم المتعاطي (أنظر المخطط التفصيلي أدناه، الذي قمنا بتلخيصه من التقرير)
كما أوضح أن "التدخين، أو حقن الميثامفيتامين، يضع الدواء بسرعة كبيرة في مجرى الدم والدماغ، مما يتسبب في "اندفاع" فوري ومكثف، ويزيد من احتمالية إدمان المخدرات والعواقب الصحية الضارة، بينما ينتج الاستنشاق آثارا في غضون 3 إلى 5 دقائق، ويحدث الابتلاع عبر الفم آثارا في غضون 15 إلى 20 دقيقة".
وفي كل الأحوال، يؤكد التقرير أن "مادة الميثامفيتامين، تبقى في المخ لفترة أطول، مما يؤدي في النهاية إلى تأثيرات منشطة طويلة الأمد. وهو ما قد يجعله مادة سامة على الأطراف العصبية من خلال إحداث خلل بأداء المواد الكيميائية الطبيعية داخل الدماغ". محذرا من أنه "يمكن أن يؤدي إلى الوفاة، إذا لم يتم معالجته والتعافي منه".
وأضاف: "هناك آثار طويلة المدى لتعاطي مادة الميثامفيتامين، المكونة للشبو، بما في ذلك جنون العظمة والهلوسة البصرية والسمعية، والأوهام.. وعلى سبيل المثال: الإحساس بزحف الحشرات تحت الجلد.. ويمكن أن تستمر الأعراض لأشهر أو سنوات بعد توقف الشخص عن التعاطي".
وهذا التوضيح، قد يكشف لنا أسباب انتشار تلك الجرائم الأسرية، مؤخرا، من قبل مدمني مادة الشبو، كما أشرنا سابقا.
كما ذهب التقرير إلى أن "متعاطو الميثامفيتامين قد يصابون في الحالات المزمنة بصعوبة في الشعور بأي متعة، بخلاف تلك التي توفرها هذه المادة، مما يؤدي إلى زيادة سوء الاستخدام والسعي القهري لتناول المخدرات بجرعات أعلى، أو بشكل متكرر، أو تغيير طريقة تناولها في محاولة للحصول على التأثير المطلوب".
وتحدث عملية الانسحاب من الميثامفيتامين عندما يتوقف المدمن عن تناول المادة، بحسب التقرير الذي يشير إلى أن "أعراض الانسحاب، تشمل: الاكتئاب والقلق والتعب والرغبة الشديدة في تناول المادة.."، مضيفا: "وقد تظهر على المدمن في حالته المزمنة أعراض يمكن أن تشمل القلق الشديد والارتباك والأرق واضطرابات المزاج والسلوك العنيف".
وذكر التقرير الأسباب (والأوهام) التي تجعل متعاطو "الشبو" يقبلون عليه، رغم كل تلك الأضرار الصحية والنفسية التي يتعرضون لها جراء تعاطيه. واستقى التقرير هذه الأسباب من عينة من المدمنين (وقد قمنا بتلخيصها في الأنفوجرافك أدناه)
تاريخ أسود.. ومخاطر كارثية
وحول نشأة مادة الشبو، المعروفة علميا باسم (الميثامفيتامين)، أفاد مدير الهيئة العليا للأدوية بمحافظة تعز الدكتور محمد الصوفي، بأنه "تم اكتشاف هذه المادة في اليابان عام 1893، بينما كان أول استخدام لها في أوساط الجيش الألماني أثناء هجومهم على فرنسا في الحرب العالمية الثانية، حيث وزعت منه 200 مليون قرص تحت مسمى (بيرفيتين)".
ويضيف الدكتور الصوفي لـ "يمن شباب نت"، أن "الميثامفيتامين استخدمت قديما كدواء لبعض الأمراض، وبعد ذلك تم منعها بسبب الأضرار القاتلة لهذه المادة، والإدمان عليها، وحرم تداولها دوليا أو الاتجار بها".
ومن الناحية القانونية، فإن الميثامفيتامين يقع ضمن الجدول رقم (1) الملحق بالقانون اليمني رقم (3) لعام 1993، بشأن تجريم الاتجار والاستعمال غير المشروعين للمخدرات والمؤثرات العقلية.
وفي تطرقه لأهم التأثيرات الخطيرة لهذه المادة، يعزز الصوفي ما أكده التقرير السابق، الصادر عن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالعاصمة المؤقتة عدن، من أن "مادة الشبو، المعروفة علميا بالميثامفيتامين، تؤثر على مواد كيميائية محددة في الدماغ والجهاز العصبي بشكل مباشر، موهمة المتعاطي بالنشوة والنشاط والسعادة والثقة بالنفس، ولكن سرعان ما يتحول المتعاطي إلى مدمن، معتمدا على هذه المادة".
وبخلاف ما نفاه العميد لحمدي، يؤكد الدكتور الصوفي أن "من أهم خصائص الشبو هو سرعة الإدمان عليها، على عكس بقية أنواع المخدرات الأخرى".
وإلى جانب أضراره الجسدية والعقلية؛ يذكر الصوفي أن لـ "الشبو" أضرارا اجتماعية وأسرية ومالية كبيرة وخطيرة؛ ابتداء من التفكك الأسري، والتخلي عن المسؤولية، والعنف والطلاق والقتل والاغتصاب والشذوذ، وصولا إلى اهمال الذات وضياع القيم، إلى جانب إهدار المال وانتشار جرائم السرقة".
يؤكد الدكتور محمد الصوفي على أن حماية الشباب من آفة الشبو مسؤولية ملقاة على الكل؛ ابتداء من الأسرة ثم الداخلية والأمن والقضاء والصحة والإعلام والجيش وخطباء المساجد والمدرسين..، وكل فئات المجتمع..
ودعا الآباء إلى الاقتراب من أبنائهم ومعرفة همومهم وأحلامهم وأصدقائهم، وتشجيعهم على العادات والتقاليد الحميدة، ونبذ الرذيلة في افكارهم وسلوكهم وتعاملهم مع الآخرين.. كما هو أيضا من خلال توجيههم بشغل فراغهم بالتعلم وتطوير الذات ولفت نظرهم للدول المتحضرة كيف بنت أوطانها.
كما طالب الإدارة السياسية والعسكرية والإعلاميين وخطباء المساجد وقادة الرأي العام، "بأخذ تفشي ظاهرة تعاطي وترويج المخدرات على محمل الجد، والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه تدمير شبابنا ومجتمعنا"، مشيرا إلى أن الحرب التي نخوضها مع تجار المخدرات "لا تقل خطورة عن الحرب العسكرية والسياسية".
وكانت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية قد دشنت، الاثنين الماضي، فعاليات وأنشطة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات خلال الفترة من (20 حتى 26 يونيو الجاري) تحت شعار "انقلوا الحقائق.. أنقذوا الأرواح.. لنقف جميعا لمواجهة المخدرات".
وألقى مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات العميد ناصر الأعوش، كلمة، ذكر فيها أن التدشين سيتضمن لقاء تشاوري لفروع الادارة بمحافظات الجمهورية للخروج بتوصيات ومقترحات تساعد في تعزيز نشاط مكافحة الظاهرة وأساليب ووسائل انتشارها من خلال وضع خطط بالتعاون والتنسيق مع الوحدات العسكرية والأمنية.
كما ألقى مساعد مدير عام مكافحة المخدرات العقيد ركن عادل عياش، كلمة تناول خلالها استراتيجية الإدارة في المكافحة من خلال محورين، الأول يتركز على الجهود الأمنية في التحري وضبط المروجين والمتعاطين، والثاني من خلال التوعية المجتمعية عبر وسائل الاعلام المختلفة.